Mont thor

Mont thor

Montagne de lumière

Montagne de lumière

Sun Montain

Sun Montain

Gin Montain

Gin Montain

Montagne Moise

Montagne Moise

الاثنين، 6 فبراير 2023

قصة سجن جحدر بن مالك مع الأسد الجائع سجنه الحجاج

 قصة سجن جحدر بن مالك مع الأسد الجائع


قصة سجن جحدر بن مالك مع الأسد الجائع سجنه الحجاج


أخرج ابن عساكر في كتابه بسند متصل عن ابن الأعرابي أنه قال : بلغني أنه كان هنالك رجل من بني حنيفة يقال له جحدر بن مالك كان شجاعًا قد أغار على أهل حجر وناحيتها وبلغ ذلك الحجاج بن يوسف الثقفي فكتب لعامله في اليمامة يوبخه على تلاعب جحدر به وأمره بالاجتهاد في طلبه .

فلما وصل إليه الكتاب أرسل إلى فتيه من بني يربوع فجعل جعل عظيم إن قتلوا جحدر أو أتوا به أسيرًا فانطلقوا حتى كانوا قربين منه فأرسلوا إليه أنهم يريدون الانقطاع إليه والتحرز به ، فاطمئن إليهم فلما اقتربوا منه قيدوه وقدموا به على العامل ، فتوجه به معهم إلى الحجاح فلما أدخل على الحجاج قال من أنت فقال له أن حجدر ابن مالك ، فقال له الحجاج ما حملك على ما كان منك فقال جرئة الجنان وجفاء السلطان وكلب الزمان فقال له وما الذي بلغ منك فجرؤ جنانك فقال لو بلاني الأمير أكرمه الله لاختبرني لوجدني من صالح الأعوان وأشجع الفرسان ولوجدني من أنصح رعيته وذلك لأنني ما لقيت فارس إلا وكنت عليه في نفسي مقتدرًا .

فقال له الحجاج سنقدفك في مكان به أسد جائع فإن هو قتلك كفانا مؤنتك وإن أنت قتلته خلينا سبيلك ، فقال له أصلح الله الأمير عظمت المنة وقويت المحنة ، فقال الحجاج فإنا لسنا تاركينك لتقاتله إلا وأنت مكبل بالحديد فأمر الحجاج فربطت يمنه في عنقه وأرسل إلى السجن


وكتب الحجاج إلى عامله أن يوجه إليه بأسد قوي ، فأرسل به فلما ورد الأسد على الحجاج ، تم تجويعه لمدة ثلاثة أيام وأرسل إلى جحدر فأتي به من السجن ويديه مغلولة لعنقه وأعطي سيفًا فلما نظر للأسد أقبل عليه نحوه فوثب الأسد فتلاقه جحدر بالسيف فضربه ضربه فخر الأسد كأنخ خيمة قد سرعها الريح وسقط جحدر على ظهره ، فكبر الحجاج والناس جميعًا وأكرمه وأحسن جائزته 




اخْتِيَارُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ الْأَمَاكِنِ وَالْبِلَادِ خَيْرَهَا وَأَشْرَفَها زاد المعاد في هدى خير العباد

 اخْتِيَارُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ الْأَمَاكِنِ وَالْبِلَادِ خَيْرَهَا وَأَشْرَفَها    

اخْتِيَارُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ الْأَمَاكِنِ وَالْبِلَادِ خَيْرَهَا وَأَشْرَفَها زاد المعاد في هدى خير العباد



وَمِنْ هَذَا اخْتِيَارُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ الْأَمَاكِنِ وَالْبِلَادِ خَيْرَهَا وَأَشْرَفَهَا، وَهِيَ الْبَلَدُ الْحَرَامُ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اخْتَارَهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَهُ مَنَاسِكَ لِعِبَادِهِ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الْإِتْيَانَ إِلَيْهِ مِنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، فَلَا يَدْخُلُونَهُ إِلَّا مُتَوَاضِعِينَ مُتَخَشِّعِينَ مُتَذَلِّلِينَ كَاشِفِي رُءُوسِهِمْ مُتَجَرِّدِينَ عَنْ لِبَاسِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَجَعَلَهُ حَرَمًا آمِنًا لَا يُسْفَكُ فِيهِ دَمٌ، وَلَا تُعْضَدُ بِهِ شَجَرَةٌ، وَلَا يُنَفَّرُ لَهُ صَيْدٌ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ لِلتَّمْلِيكِ بَلْ لِلتَّعْرِيفِ لَيْسَ إِلَّا، وَجَعَلَ قَصْدَهُ مُكَفِّرًا لِمَا سَلَفَ مِنَ الذُّنُوبِ، مَاحِيًا لِلْأَوْزَارِ، حَاطًّا لِلْخَطَايَا، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» ) ، وَلَمْ يَرْضَ لِقَاصِدِهِ مِنَ الثَّوَابِ دُونَ الْجَنَّةِ، فَفِي " السُّنَنِ " مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ دُونَ الْجَنَّةِ» ) . وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ» ) ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْبَلَدُ الْأَمِينُ خَيْرَ بِلَادِهِ، وَأَحَبَّهَا إِلَيْهِ، وَمُخْتَارَهُ مِنَ الْبِلَادِ؛ لَمَا جَعَلَ عَرَصَاتِهَا مَنَاسِكَ لِعِبَادِهِ فَرَضَ عَلَيْهِمْ قَصْدَهَا، وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ آكَدِ فُرُوضِ الْإِسْلَامِ، وَأَقْسَمَ بِهِ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهُ فَقَالَ تَعَالَى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: ٣] [التِّينِ: ٣] ، وَقَالَ تَعَالَى: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ) [الْبَلَدِ: ١] ، وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بُقْعَةٌ يَجِبُ عَلَى كُلِّ قَادِرٍ السَّعْيُ إِلَيْهَا وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ الَّذِي فِيهَا غَيْرَهَا، وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَوْضِعٌ يُشْرَعُ تَقْبِيلُهُ وَاسْتِلَامُهُ، وَتُحَطُّ الْخَطَايَا وَالْأَوْزَارُ فِيهِ غَيْرَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ. وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ، فَفِي " سُنَنِ النَّسَائِيِّ " وَ" الْمُسْنَدِ " بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عبد الله بن الزبير، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي هَذَا بِمِائَةِ صَلَاةٍ» ) وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ " وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَفْضَلُ بِقَاعِ الْأَرْضِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلِذَلِكَ كَانَ شَدُّ الرِّحَالِ إِلَيْهِ فَرْضًا، وَلِغَيْرِهِ مِمَّا يُسْتَحَبُّ وَلَا يَجِبُ، وَفِي " الْمُسْنَدِ " وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ عبد الله بن عدي بن الحمراء، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْحَزْوَرَةِ مِنْ مَكَّةَ يَقُولُ: ( «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.


بَلْ وَمِنْ خَصَائِصِهَا كَوْنُهَا قِبْلَةً لِأَهْلِ الْأَرْضِ كُلِّهِمْ، فَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قِبْلَةٌ غَيْرُهَا.
وَمِنْ خَوَاصِّهَا أَيْضًا أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُهَا وَاسْتِدْبَارُهَا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ دُونَ سَائِرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ.
وَأَصَحُّ الْمَذَاهِبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْفَضَاءِ وَالْبُنْيَانِ لِبِضْعَةَ عَشَرَ دَلِيلًا قَدْ ذُكِرَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَلَيْسَ مَعَ الْمُفَرِّقِ مَا يُقَاوِمُهَا الْبَتَّةَ مَعَ تَنَاقُضِهِمْ فِي مِقْدَارِ الْفَضَاءِ وَالْبُنْيَانِ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ اسْتِيفَاءِ الْحِجَاجِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ.
وَمِنْ خَوَاصِّهَا أَيْضًا أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوَّلُ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أبي ذر قَالَ: ( «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ؟ فَقَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ أَرْبَعُونَ عَامًا» ) وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْمُرَادَ بِهِ فَقَالَ: مَعْلُومٌ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ هُوَ الَّذِي بَنَى الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ عَامٍ، وَهَذَا مِنْ جَهْلِ هَذَا الْقَائِلِ، فَإِنَّ سُلَيْمَانَ إِنَّمَا كَانَ لَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى تَجْدِيدُهُ لَا تَأْسِيسُهُ، وَالَّذِي أَسَّسَهُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَآلِهِمَا وَسَلَّمَ بَعْدَ بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ الْكَعْبَةَ بِهَذَا الْمِقْدَارِ.


وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَفْضِيلِهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهَا أُمُّ الْقُرَى، فَالْقُرَى كُلُّهَا تَبَعٌ لَهَا وَفَرْعٌ عَلَيْهَا، وَهِيَ أَصْلُ الْقُرَى، فَيَجِبُ أَلَّا يَكُونَ لَهَا فِي الْقُرَى عَدِيلٌ، فَهِيَ كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ (الْفَاتِحَةِ) أَنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ عَدِيلٌ.
وَمِنْ خَصَائِصِهَا أَنَّهَا لَا يَجُوزُ دُخُولُهَا لِغَيْرِ أَصْحَابِ الْحَوَائِجِ الْمُتَكَرِّرَةِ إِلَّا بِإِحْرَامٍ، وَهَذِهِ خَاصِّيَّةٌ لَا يُشَارِكُهَا فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْبِلَادِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَلَقَّاهَا النَّاسُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ مَرْفُوعًا ( «لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إِلَّا بِإِحْرَامٍ، مِنْ أَهْلِهَا وَمِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا» ) ذَكَرَهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، وَلَكِنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ فِي الطَّرِيقِ، وَآخَرَ قَبْلَهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ.
وَلِلْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: النَّفْيُ، وَالْإِثْبَاتُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ هُوَ دَاخِلُ الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ هُوَ قَبْلَهَا، فَمَنْ قَبْلَهَا لَا يُجَاوِزُهَا إِلَّا بِإِحْرَامٍ، وَمَنْ هُوَ دَاخِلُهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة، وَالْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ لِلشَّافِعِيِّ وأحمد.
وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ يُعَاقَبُ فِيهِ عَلَى الْهَمِّ بِالسَّيِّئَاتِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا، قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥] [الْحَجِّ: ٢٥] فَتَأَمَّلْ كَيْفَ عَدَّى فِعْلَ الْإِرَادَةِ هَاهُنَا بِالْبَاءِ، وَلَا يُقَالُ: أَرَدْتُ بِكَذَا إِلَّا لِمَا ضُمِّنَ مَعْنَى فِعْلِ " هَمَّ " فَإِنَّهُ يُقَالُ: هَمَمْتُ بِكَذَا، فَتَوَعَّدَ مَنْ هَمَّ بِأَنْ يَظْلِمَ فِيهِ بِأَنْ يُذِيقَهُ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ.
وَمِنْ هَذَا تَضَاعُفُ مَقَادِيرِ السَّيِّئَاتِ فِيهِ لَا كَمِّيَّاتِهَا، فَإِنَّ السَّيِّئَةَ جَزَاؤُهَا سَيِّئَةٌ، لَكِنْ سَيِّئَةٌ كَبِيرَةٌ جَزَاؤُهَا مِثْلُهَا، وَصَغِيرَةٌ جَزَاؤُهَا مِثْلُهَا، فَالسَّيِّئَةُ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَبَلَدِهِ وَعَلَى بِسَاطِهِ آكَدُ وَأَعْظَمُ مِنْهَا فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ الْأَرْضِ، وَلِهَذَا لَيْسَ مَنْ عَصَى الْمَلِكَ عَلَى بِسَاطِ مُلْكِهِ كَمَنْ عَصَاهُ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ مِنْ دَارِهِ وَبِسَاطِهِ، فَهَذَا فَصْلُ النِّزَاعِ فِي تَضْعِيفِ السَّيِّئَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ظَهَرَ سِرُّ هَذَا التَّفْضِيلِ وَالِاخْتِصَاصِ فِي انْجِذَابِ الْأَفْئِدَةِ وَهَوَى الْقُلُوبِ وَانْعِطَافِهَا وَمَحَبَّتِهَا لِهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ، فَجَذْبُهُ لِلْقُلُوبِ أَعْظَمُ مِنْ جَذْبِ الْمِغْنَاطِيسِ لِلْحَدِيدِ، فَهُوَ الْأَوْلَى بِقَوْلِ الْقَائِلِ:
محَاسِنُهُ هَيُولَى كُلِّ حُسْنٍ ... وَمِغْنَاطِيسُ أَفْئِدَةِ الرِّجَالِ
وَلِهَذَا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ، أَيْ: يَثُوبُونَ إِلَيْهِ عَلَى تَعَاقُبِ الْأَعْوَامِ مِنْ جَمِيعِ الْأَقْطَارِ، وَلَا يَقْضُونَ مِنْهُ وَطَرًا، بَلْ كُلَّمَا ازْدَادُوا لَهُ زِيَارَةً ازْدَادُوا لَهُ اشْتِيَاقًا.
لَا يَرْجِعُ الطَّرْفُ عَنْهَا حِينَ يَنْظُرُهَا ... حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهَا الطَّرْفُ مُشْتَاقًا
فَلَلَّهِ كَمْ لَهَا مِنْ قَتِيلٍ وَسَلِيبٍ وَجَرِيحٍ، وَكَمْ أُنْفِقَ فِي حُبِّهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَرْوَاحِ، وَرَضِيَ الْمُحِبُّ بِمُفَارَقَةِ فِلَذِ الْأَكْبَادِ، وَالْأَهْلِ وَالْأَحْبَابِ وَالْأَوْطَانِ، مُقَدِّمًا بَيْنَ يَدَيْهِ أَنْوَاعَ الْمَخَاوِفِ وَالْمَتَالِفِ وَالْمَعَاطِفِ وَالْمَشَاقِّ، وَهُوَ يَسْتَلِذُّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَسْتَطِيبُهُ وَيَرَاهُ -لَوْ ظَهَرَ سُلْطَانُ الْمَحَبَّةِ فِي قَلْبِهِ- أَطْيَبَ مِنْ نِعَمِ الْمُتَحَلِّيَةِ وَتَرَفِهِمْ وَلَذَّاتِهِمْ.
وَلَيْسَ مُحِبًّا مَنْ يَعُدُّ شَقَاءَهُ ... عَذَابًا إِذَا مَا كَانَ يَرْضَى حَبِيبُهُ
وَهَذَا كُلُّهُ سِرُّ إِضَافَتِهِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} [الحج: ٢٦] [الْحَجِّ: ٢٦] فَاقْتَضَتْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ الْخَاصَّةُ مِنْ هَذَا الْإِجْلَالِ وَالتَّعْظِيمِ وَالْمَحَبَّةِ مَا اقْتَضَتْهُ، كَمَا اقْتَضَتْ إِضَافَتُهُ لِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ إِلَى نَفْسِهِ مَا اقْتَضَتْهُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِضَافَتُهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ كَسَتْهُمْ مِنَ الْجَلَالِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْوَقَارِ مَا كَسَتْهُمْ، فَكُلُّ مَا أَضَافَهُ الرَّبُّ تَعَالَى إِلَى نَفْسِهِ فَلَهُ مِنَ الْمَزِيَّةِ وَالِاخْتِصَاصِ عَلَى غَيْرِهِ مَا أَوْجَبَ لَهُ الِاصْطِفَاءَ وَالِاجْتِبَاءَ، ثُمَّ يَكْسُوهُ بِهَذِهِ الْإِضَافَةِ تَفْضِيلًا آخَرَ، وَتَخْصِيصًا وَجَلَالَةً زَائِدًا عَلَى مَا كَانَ لَهُ قَبْلَ الْإِضَافَةِ، وَلَمْ يُوَفَّقْ لِفَهْمِ هَذَا الْمَعْنَى مَنْ سَوَّى بَيْنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَفْعَالِ وَالْأَزْمَانِ وَالْأَمَاكِنِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ التَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ وَجْهًا قَدْ ذُكِرَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَيَكْفِي تَصَوُّرُ هَذَا الْمَذْهَبِ الْبَاطِلِ فِي فَسَادِهِ، فَإِنَّ مَذْهَبَنَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ ذَوَاتُ الرُّسُلِ كَذَوَاتِ أَعْدَائِهِمْ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا التَّفْضِيلُ بِأَمْرٍ لَا يَرْجِعُ إِلَى اخْتِصَاصِ الذَّوَاتِ بِصِفَاتٍ وَمَزَايَا لَا تَكُونُ لِغَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ نَفْسُ الْبِقَاعِ وَاحِدَةٌ بِالذَّاتِ لَيْسَ لِبُقْعَةٍ عَلَى بُقْعَةٍ مَزِيَّةٌ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَلَا مَزِيَّةَ لِبُقْعَةِ الْبَيْتِ، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمِنًى، وَعَرَفَةَ، وَالْمَشَاعِرِ عَلَى أَيِّ بُقْعَةٍ سَمَّيْتُهَا مِنَ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا التَّفْضِيلُ بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ خَارِجٍ عَنِ الْبُقْعَةِ لَا يَعُودُ إِلَيْهَا وَلَا إِلَى وَصْفٍ قَائِمٍ بِهَا، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ رَدَّ هَذَا الْقَوْلَ الْبَاطِلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} [الأنعام: ١٢٤] ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤] [الْأَنْعَامِ: ١٢٤] أَيْ: لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ أَهْلًا وَلَا صَالِحًا لِتَحَمُّلِ رِسَالَتِهِ، بَلْ لَهَا مَحَالُّ مَخْصُوصَةٌ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِهَا، وَلَا تَصْلُحُ إِلَّا لَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهَذِهِ الْمَحَالِّ مِنْكُمْ. وَلَوْ كَانَتِ الذَّوَاتُ مُتَسَاوِيَةً كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥٣] [الْأَنْعَامِ: ٥٣] أَيْ: هُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يَشْكُرُهُ عَلَى نِعْمَتِهِ، فَيَخْتَصُّهُ بِفَضْلِهِ وَيَمُنُّ عَلَيْهِ مِمَّنْ لَا يَشْكُرُهُ، فَلَيْسَ كُلُّ مَحَلٍّ يَصْلُحُ لِشُكْرِهِ، وَاحْتِمَالِ مِنَّتِهِ، وَالتَّخْصِيصِ بِكَرَامَتِهِ.
فَذَوَاتُ مَا اخْتَارَهُ وَاصْطَفَاهُ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَمَاكِنِ وَالْأَشْخَاصِ وَغَيْرِهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى صِفَاتٍ وَأُمُورٍ قَائِمَةٍ بِهَا لَيْسَتْ لِغَيْرِهَا، وَلِأَجْلِهَا اصْطَفَاهَا اللَّهُ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ الَّذِي فَضَّلَهَا بِتِلْكَ الصِّفَاتِ، وَخَصَّهَا بِالِاخْتِيَارِ، فَهَذَا خَلْقُهُ، وَهَذَا اخْتِيَارُهُ {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: ٦٨] [الْقَصَصِ: ٦٧] ، وَمَا أَبْيَنَ بُطْلَانِ رَأْيٍ يَقْضِي بِأَنَّ مَكَانَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ مُسَاوٍ لِسَائِرِ الْأَمْكِنَةِ، وَذَاتَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مُسَاوِيَةٌ لِسَائِرِ حِجَارَةِ الْأَرْضِ، وَذَاتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَاوِيَةٌ لِذَاتِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا التَّفْضِيلُ فِي ذَلِكَ بِأُمُورٍ خَارِجَةٍ عَنِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ الْقَائِمَةِ بِهَا، وَهَذِهِ الْأَقَاوِيلُ وَأَمْثَالُهَا مِنَ الْجِنَايَاتِ الَّتِي جَنَاهَا الْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى الشَّرِيعَةِ وَنَسَبُوهَا إِلَيْهَا وَهِيَ بَرِيئَةٌ مِنْهَا، وَلَيْسَ مَعَهُمْ أَكْثَرُ مِنَ اشْتِرَاكِ الذَّوَاتِ فِي أَمْرٍ عَامٍّ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَسَاوِيهَا فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِفَاتِ قَدْ تَشْتَرِكُ فِي أَمْرٍ عَامٍّ مَعَ اخْتِلَافِهَا فِي صِفَاتِهَا النَّفْسِيَّةِ، وَمَا سَوَّى اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ ذَاتِ الْمِسْكِ وَذَاتِ الْبَوْلِ أَبَدًا، وَلَا بَيْنَ ذَاتِ الْمَاءِ وَذَاتِ النَّارِ أَبَدًا، وَالتَّفَاوُتُ الْبَيِّنُ بَيْنَ الْأَمْكِنَةِ الشَّرِيفَةِ وَأَضْدَادِهَا وَالذَّوَاتِ الْفَاضِلَةِ وَأَضْدَادِهَا أَعْظَمُ مِنْ هَذَا التَّفَاوُتِ بِكَثِيرٍ، فَبَيْنَ ذَاتِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذَاتِ فرعون مِنَ التَّفَاوُتِ أَعْظَمُ مِمَّا بَيْنَ الْمِسْكِ وَالرَّجِيعِ، وَكَذَلِكَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ نَفْسِ الْكَعْبَةِ وَبَيْنَ بَيْتِ السُّلْطَانِ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا التَّفَاوُتِ أَيْضًا بِكَثِيرٍ، فَكَيْفَ تُجْعَلُ الْبُقْعَتَانِ سَوَاءً فِي الْحَقِيقَةِ وَالتَّفْضِيلُ بِاعْتِبَارِ مَا يَقَعُ هُنَاكَ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَالْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ؟! .
وَلَمْ نَقْصِدِ اسْتِيفَاءَ الرَّدِّ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ الْمَرْدُودِ الْمَرْذُولِ، وَإِنَّمَا قَصَدْنَا تَصْوِيرَهُ، وَإِلَى اللَّبِيبِ الْعَادِلِ الْعَاقِلِ التَّحَاكُمُ وَلَا يَعْبَأُ اللَّهُ وَعِبَادُهُ بِغَيْرِهِ شَيْئًا، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُخَصِّصُ شَيْئًا، وَلَا يُفَضِّلُهُ وَيُرَجِّحُهُ إِلَّا لِمَعْنًى يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ وَتَفْضِيلَهُ، نَعَمْ هُوَ مُعْطِي ذَلِكَ الْمُرَجِّحَ وَوَاهِبُهُ، فَهُوَ الَّذِي خَلَقَهُ، ثُمَّ اخْتَارَهُ بَعْدَ خَلْقِهِ، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: ٦٨] .


الكتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (ت ٧٥١هـ)



حكمة قاضي تنكر امير ليعرف سر حكمته أذكى قاضي لا أحد يستطيع أن يخد

 حكمة قاضي

حكمة قاضي تنكر امير ليعرف سر حكمته أذكى قاضي  لا أحد يستطيع أن يخدعه



اراد احد الامراء ان يتحقق بنفسه من صحة ما قيل له عن وجود قاض عادل في امارته,يشخص الحقيقة في الحال ولا يستطيع احد من المحتالين خداعه ,فتنكر الامير في زي تاجر وامتطى جواده متوجه الى المدينة التي يقيم فيها القاضي ,وعند مدخل المدينة اقترب منه رجل كسيح يلتمس صدقة ,فاعطاه ثم واصل طريقه فاذا الكسيح يتشبت بردائه .
التفت التاجر الى الكسيح وساله :ما الذي تريده بعد؟ الم اعطك صدقة.
قال الكسيح :بلى,لكن اعمل معي معروفاً وخذني الى ساحة المدينة فاجابه الى طلبه ,وفي الساحة رفض الكسيح النزول عن ظهر الجواد.
فنهره التاجر قائلا :ما الذي يجلسك ؟هيا انزل.
قال الكسيح:ولم انزل والجواد ملكي
وعندما احتد النقاش تجمع الناس حولهما, واقترحو عليهما الذهاب الى القاضي.
مضى الاثنان الى القاضي , وكان الناس مجتمعين في المحكمة والحاجب يتنادي على المتخاصمين حسب الدور ,فاستدعى القاضي نجارا وسمانا ,كانا يتنازعان نقودا بيد التاجر .
قال النجار :اشتريت من هذا الشخص سمنا وعندما اخرجت محفظتي لانقده الثمن ,اختطفها من يدي محاولا نزع النقود,وهكذا جئنا اليك,يده على يدي ومحفظتي ولكن النقود نقودي .
اما السمان فقال :هذا كذب جاء النجار الي ليشتري سمناً وبعد ان ملات له ابريقا ,طلب مني ان افك له قطعة ذهبية فاخرجت المحفظة ووضعتها على الطاولة فاخذها واراد الهرب فامسكت به من يده وجئت الى هنا.
صمت القاضي ثم قال اتركا النقود هنا وتعالا غدا.
عندما جاء الدور للتاجر والكسيح ,قص التاجر بما حصل ثم امر القاضي الكسيح ان يأتي بحاجاته.
قال الكسيح :هذا كذب,كنت ممتطيا جوادي في ساحة المدينة فكان جالسا على الارض فطلب ان احمله فنقلته الى المكان الذي يرغب وعند الوصول رفض النزول وادعى ملكيته الجواد,
فكر القاضي ثم قال:اتركا الجواد عندي وتعالا غدا .
في اليوم الذي اجتمع المتخاصمون لسماع حكم القاضي ,تقدم النجار والسمان  لمعرفة الحكم ,
قال ا لقاضي للنجار:النقود ملكك ثم اشار الى السمان قائلا :اما هذا فاضربوه بالعصا50 مرة.
ثم استدعى الحاجب التاجر والكسيح فوقفا بين يدي القاضي لسماع الحكم
سال القاضي التاجر:هل تستطيع ان تعرف جوادك من بين 20 جوادا؟
قال التاجر:نعم
قال القاضي للكسيح:وانت؟
فقال الكسيح:نعم ثم اخذهما القاضي الى الاسطبل فاشار التاجر في الحال الى جواده وقد ميزه بين 20 جواد وكذلك الكسيح تعرف على الجواد.
قال القاضي للتاجر:الجواد لك فخذه ,اما الكسيح فاضربوه بالعصا50 مرة.
بعد انتهاء المحاكمة ذهب القاضي لبيته فسار التاجر خلفه فالتقى به التاجر
فالتفت القاضي اليه وساله :ما الذي تريده.
قال التاجر : بلى,ولكني اردت ان اعلم كيف عرفت ان النقود ملك النجار وان الجواد لي
قال القاضي :اما امر النجار والسمان فقد وضعت النقود في قدح ماء ثم نظرت اليوم الى القدح لارى ما اذا كان السمن طافي على سطح الماء فلو النقود للسمان لكانت ملوثة بيديه الدسمتين,اما معرفة مالك الجواد كانت اصعب فالكسيح اشار مثلك في الحال الى الجواد ,ولكني لم اصطحبكما لتتعرفا على الجواد بل لارى على من سيتعرف الجواد ,وعندما اقتربت منه التفت الجواد براسه اليك وهكذا عرفت انه لك.