الجمعة، 21 أكتوبر 2022

الحناء من كتاب الطب النبوي لإبن القيم

 الحناء


الحناء   من كتاب الطب النبوي لإبن القيم





وَالْحِنَّاءُ بَارِدٌ فِي الْأُولَى، يَابِسٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَقُوَّةُ شَجَرِ الْحِنَّاءِ وَأَغْصَانُهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ قُوَّةٍ مُحَلِّلَةٍ اكْتَسَبَتْهَا مِنْ جَوْهَرٍ فِيهَا مَائِيٍّ، حَارٍّ بِاعْتِدَالٍ، وَمِنْ قُوَّةٍ قَابِضَةٍ اكْتَسَبَتْهَا مِنْ جَوْهَرٍ فِيهَا أَرْضِيٍّ بَارِدٍ.
وَمِنْ مَنَافِعِهِ إِنَّهُ مُحَلِّلٌ نَافِعٌ مِنْ حَرْقِ النَّارِ، وَفِيهِ قُوَّةٌ مُوَافِقَةٌ لِلْعَصَبِ إِذَا ضُمِّدَ بِهِ، وَيَنْفَعُ إِذَا مُضِغَ من قروح الفم والسّلاق  العارض فيه، ويبرىء الْقُلَاعَ  الْحَادِثَ فِي أَفْوَاهِ الصِّبْيَانِ، وَالضِّمَادُ بِهِ يَنْفَعُ مِنَ الْأَوْرَامِ الْحَارَّةِ الْمُلْهِبَةِ، وَيَفْعَلُ فِي الجراحات فعل دَمُ الْأَخَوَيْنِ. وَإِذَا خُلِطَ نَوْرُهُ مَعَ الشَّمْعِ الْمُصَفَّى، وَدُهْنِ الْوَرْدِ، يَنْفَعُ مِنْ أَوْجَاعِ الْجَنْبِ.
وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ إِذَا بَدَأَ الْجُدَرِيُّ يَخْرُجُ بِصَبِيٍّ، فَخُضِبَتْ أَسَافِلُ رِجْلَيْهِ بِحِنَّاءٍ، فَإِنَّهُ يُؤْمَنُ عَلَى عَيْنَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْهُ، وَهَذَا صَحِيحٌ مُجَرَّبٌ لَا شَكَّ فِيهِ. وَإِذَا جُعِلَ نَوْرُهُ بَيْنَ طَيِّ ثِيَابِ الصُّوفِ طَيَّبَهَا، وَمَنَعَ السُّوسَ عَنْهَا، وَإِذَا نُقِعَ وَرَقُهُ فِي ماء عذب يَغْمُرُهُ، ثُمَّ عُصِرَ وَشُرِبَ مَنْ صَفْوِهِ أَرْبَعِينَ يوما كلّ يوم عشرون
 دِرْهَمًا مَعَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سُكَّرٍ، وَيُغَذَّى عَلَيْهِ بِلَحْمِ الضَّأْنِ الصَّغِيرِ، فَإِنَّهُ يَنْفَعُ مِنِ ابْتِدَاءِ الْجُذَامِ بِخَاصِّيَّةٍ فِيهِ عَجِيبَةٍ.
وَحُكِيَ أَنَّ رَجُلًا تَشَقَّقَتْ أَظَافِيرُ أَصَابِعِ يَدِهِ، وَأَنَّهُ بَذَلَ لِمَنْ يُبْرِئُهُ مَالًا، فَلَمْ يُجْدِ، فَوَصَفَتْ لَهُ امْرَأَةٌ، أَنْ يَشْرَبَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ حِنَّاءَ، فَلَمْ يُقْدِمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ نَقَعَهُ بِمَاءٍ وَشَرِبَهُ، فَبَرَأَ وَرَجَعَتْ أَظَافِيرُهُ إِلَى حُسْنِهَا.
وَالْحِنَّاءُ إِذَا أُلْزِمَتْ بِهِ الْأَظْفَارُ مَعْجُونًا حَسَّنَهَا وَنَفَعَهَا، وَإِذَا عُجِنَ بِالسَّمْنِ وضمّد به بقايا الأورام الحارة التي تشرح مَاءً أَصْفَرَ، نَفَعَهَا وَنَفَعَ مِنَ الْجَرَبِ الْمُتَقَرِّحِ الْمُزْمِنِ مَنْفَعَةً بَلِيغَةً، وَهُوَ يُنْبِتُ الشَّعْرَ وَيُقَوِّيهِ، وَيُحَسِّنُهُ، وَيُقَوِّي الرَّأْسَ، وَيَنْفَعُ مِنَ النَّفَّاطَاتِ، وَالْبُثُورِ الْعَارِضَةِ فِي السَّاقَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَسَائِرِ الْبَدَنِ.




0 التعليقات:

إرسال تعليق