الصفحة (43) : ۩ أحب أن أخرج إليكم و أنا سليم الصدر ۩ سبب هلاك الأمم كثرة سؤالهم و اختلافهم على أنبيائهم ۩ الناس يقرءون هذه الآية و يضعونها غير موضعها، قال تعالى : << يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ >> ۩ لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه و لا ينزلهم جنة أو نارا ۩ تفسير قوله تعالى : << وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)>> ۩ هل في الجن رسلا ۩ من إستاك و هو صائم ۩ القيء للصائم ۩ العزلة راحة من خلطاء السوء ۩ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ
۩ أحب أن أخرج إليكم و أنا سليم الصدر :
- عن زيد بن زائد، عن عبد الله بن مسعود، قال : قال رسول الله (ص) عليه وسلم لأصحابه : << لا يبلغني أحد عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم و أنا سليم الصدر >>. الحديث وقد رواه أبو داود و الترمذي من حديث إسرائيل عن السدي عن الوليد بن أبي هاشم به، ثم قال الترمذي : غريب.
۩ سبب هلاك الأمم كثرة سؤالهم و اختلافهم على أنبيائهم :
- في الصحيح عن رسول الله (ص) أنه قال : << ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم و إختلافهم على أنبيائهم >>. و في االحديث الصحيح أيضا : << أن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، و حد حدودا فلا تعتدوها، و حرم أشياء فلا تنتهكوها، و سكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها >>.
۩ الناس يقرءون هذه الآية و يضعونها غير موضعها، قال تعالى : << يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ >>.:
- و قد قال الإمام أحمد رحمه الله : حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا زهير يعني إبن معاوية، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، حدثنا قيس قال : قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال : يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية : <<يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ >>. و إنكم تضعونها على غير موضعها، و إني سمعت رسول الله (ص) يقول : << إن الناس إذا رأوا المنكر و لا يغيرونه، يوشك الله عز وجل أن يعمهم بعقابه >>. قال : سمعت أبا بكر يقول : يا أيها الناس إياكم و الكذب، فإن الكذب مجانب لللإيمان، و قد روي هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة، و ابن حبان في صحيحه، و غيرهم من طرق كثيرة عن جماعة كثيرة، عن إسماعيل بن أبي خالد به، متصلا مرفوعا، و منهم من رواه عنه به موقوفا على الصديق، و قد رجح رفعه الدارقطني و غيره.
- و قال أبو عيسى الترمذي : حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا عتبة بن أبي حكيم، حدثنا عمرو بن جارية اللحمي عن أبي أمية الشعباني قال : أتيت أبا ثعلبة الخنشي فقلت له : كيف تصنع في هذه الآية؟ قال أية آية؟ قلت : قول الله تعالى : <<يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ >>. قال : أما و الله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله (ص) فقال : << بل إئتمروا بالمعروف و تناهوا عن النكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، و هوى متبعا، و دنيا مؤثرة، و إعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، و دع العوام، فإن من ورائكم أياما، الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم >>. قال عبد الله بن المبارك : و زاد غير عتبة، قيل : يا رسول الله، أجر خمسين رجلا منا أو منهم؟ قال : << بل أجر خمسين منكم >>. ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح، و كذا رواه أبو داود من طريق إبن المبارك، و رواه ابن ماجه و ابن جرير و ابن حاتم عن عتبة بن أبي حكيم.
- و قال عبد الرزاق : أنبأنا معمر عن الحسن أن ابن مسعود رضي الله عنه، سأله لرجل عن قول الله : << عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ >>. فقال : إن هذا ليس بزماننا، إنها اليوم مقبولة، و لكنه قد أوشك أن يأتي زمانها، تأمرون فيصنع بكم كذا و كذا، أو قال : فلا يقبل منكم، فحينئد عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل، و رواه أبو جعفر الرازي عن الربيع، عن أبي العالية، عن إبن مسعود في قوله : << يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ >>. الآية، قال : كانوا عند عبد الله بن مسعود جلوسا، فكان بين رجلين بعض ما يكون بين الناس، حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه، فقال رجل من جلساء عبد الله : ألا أقوم فآمرهما بالمعروف، و أنهاهما عن المنكر؟ فقال آخر إلى جنبه : عليك بنفسك، فإن الله يقول : << عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ >>. الآية. قال : فسمعها إبن مسعود، فقال : مه لم يجىء تأويل هذه بعد، إن القرآن أنزل حيث أنزل، و منه آي قد مضى تأويلهن قبل أن ينزل، و منه آي قد وقع تأويلهن بعد النبي (ص) بيسير، و منه آي يقع تأويلهن بعد اليوم، و منه آي يقع تأويلهن عند الساعة على ما ذكر من الساعة، و منه آي يقع تأويلهن يوم الحساب على ما ذكر من الحساب و الجنة و النار، فمادامت قلوبكم واحدة، و أهواؤكم واحدة، و لم تلبسوا شيعا و لم يذق بعضكم بأس بعض، فأمروا و انهوا، و إذا إختلفت القلوب و الأهواء، و ألبستم شيعا، و ذاق بعضكم بأس بعض، فامرؤ و نفسه، و عند ذلك جاءنا تأويل هذه الآية، و رواه ابن جرير.
- و قال ابن جرير : حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا الربيع بن صبيح، عن سفيان بن عقال قال : قيل لابن عمر : لو جلست في هذه الأيام، فلم تأمر و لم تنه فإن الله قال : << عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ >>. فقال إبن عمر : إنها ليست لي و لا لأصحابي، لأن رسول الله (ص) قال : << ألا فليبلغ الشاهد الغائب >>. فكنا نحن الشهود و أنتم الغيب، و لكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لم يقبل منهم.
۩ لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه و لا ينزلهم جنة أو نارا :
- و قد روى ابن جرير و ابن أبي حاتم في تفسيره هذه الآية، من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي حاتم بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال : <<النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128)>>. قال : إن هذه الآية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه و لا ينزلهم جنة أو نارا.
۩ تفسير قوله تعالى : << وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) >> :
- قوله تعالى : <<وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) >>.
- قال سعيد بن قتادة في تفسيرها : إنما يولي الله الناس بأعمالهم، فالمؤمن ولي المؤمن أين كان و حيث كان، و الكافر و لي الكافر أينما كان و حيثما كان، و ليس الإيمان بالتمني و بالتحلي و اختاره ابن جرير، و قال معمر عن قتادة في تفسير الآية : يولي الله بعض الضالمين بعضا في النار، يتبع بعضهم بعضا، و قال مالك بن دينار : قرأت في الزبور، إني أنتقم من المنافقين بالمنافقين، ثم أنتقم من المنافقين جميعا، و ذلك في كتاب الله قوله تعالى : << وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا >>. و قال عبد الرحمان بن زيد بن أسلم : في قوله : << وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا >>. قال ظالمي الجن وظالمي الإنس، و قرأ : <<وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ >>. الزخرف : 36. قال : و نسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس، و قد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الباقي بن أحمد، من طريق سعيد بن عبد الجبار الكرابيسي، عن حماد بن سلمة، عن عاصم، عن ذر، عن ابن مسعود، مرفوعا : << من أعان ظالما سلطه الله عليه >>. هذا حديث غريب.
۩ هل في الجن رسلا :
- قال تعالى : << يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ >>.
- و هذا أيضا مما يقرع الله به كافري الجن و الإنس يوم القيامة، حيث يسألهم و هو أعلم هل بلغتهم الرسل رسللاته؟ و هذا إستفهام تقرير <<يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ>>. أي من جملتكم، و الرسل من الإنس فقط و ليس من الجن رسل، كما قد نص على ذلك مجاهد و ابن جريج و غير واحد من الأئمة من السلف و الخلف، و قال ابن عباس : الرسل من بني آدم و من الجن نذر. و حكى إبن جرير عن الضحاك بن مزاحم : أنه زعم أنه في الجن رسلا و احتج بهذه الآية الكريمة، و فيه نظر، لأنها محتملة و ليست بصريحة، و هي -و الله أعلم- كقوله : << مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فبأي آلاء ربكما تكذبان >>. الرحمان : 19-21. إلى أن قال : يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان >>. الرحمان : 22. و معلوم أن اللؤلؤ و المرجان إنما يستخرجان من الملح لا من الحلو، و هذا واضح و لله الحمد، و قد ذكر هذا الجواب بعينه ابن جرير، و الدليل على أن الرسل إنما هم من الإنس، قوله تعالى : << إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ >>. النساء : 163. إلى قوله : << رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ >>. النساء : 165.
- و قوله تعالى عن إبراهيم : << وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ >>. فحصر النبوة و الكتاب بعد إبراهيم في ذريته، و لم يقل أحد من الناس : إن النبوة كانت في الجن قبل إبراهيم الخليل، ثم إنقطعت عنه ببعثته، و قال تعالى : << وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأسْوَاقِ >>. الفرقان : 20. و قال : << وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْل الْقُرَى >>. يوسف : 109. و معلوم أن الجن تبع للإنس في هذا الباب، و لهذا قال تعالى إخبارا عنهم : <<وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (32) >>. الأحقاف : 29-32. و قد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي و غيره : أن رسول الله (ص) تلا عليهم سورة الرحمان و فيها قوله تعالى : << سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) >>. الرحمان : 31-32.
۩ من إستاك و هو صائم :
- قوله : في باب إغتسال الصائم عن النبي (ص) أنه إستاك و هو صائم، و في باب السواك للصائم و يذكر عن عامر بن ربيعة قال رأيت النبي (ص) يستاك و هو صائم، و صله أحمد و أبو داود و الترمذي و ابن خزيمة و الدارقطني و غيرهم من طريق عاصم بن عبيد الله و هو ضعيف عن عبد الله بن عامر عن أبيه و وقع لنا بعلو في مسند عبد بن حميد، و حديث أبي هريرة واه بن خزيمة بهذا اللفظ، و حديث جابر ابن عدي في الكامل، و حديث زيد بن خالد رواه أحمد و أصحاب السنن الثلاثة و حكى الترمذي عن البخاري أنه صححه، و حديث عائشة رواه النسائي و ابن حبان و غيرهما.
۩ القيء للصائم :
- قوله في باب الحجامة للصائم و يذكر عن أبي هريرة إذا قاء يفطر، يشير إلى حديث هشام بن حسان بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا من درعه القيء و هو صائم فليس عليه قضاء و من إستقاء فليقض.
۩ العزلة راحة من خلطاء السوء :
- العزلة راحة من خلطاء السوء.
۩ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ :
- حدثنا سفيان عن رجل عن مجاهد في قوله : وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ، قال العدل بالرومية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق