الاثنين، 15 أبريل 2024

في القناعة والرضا بما قسم الله تعالى

في القناعة والرضا بما قسم الله تعالى

في القناعة والرضا بما قسم الله تعالى



قال في المستطرف (۱) : ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَلِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حيوة طيبة) [النحل : الآية .۹۷] . أن المراد بها القناعة وقال : «القناعة مال
لا ينفذه. وقيل: يا رسول الله ما القناعة؟ قال: لا بأس مما في أيدي الناس
وإياكم والطمع فإنه الفقر الحاضر». وكان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله
تعالى عنه من القناعة بالجانب الأوفر وأنه كان يشتهي الشيء فيدافعه سنة، قال
الكندي (٢) :

العبد حرّ ما قنع والحرّ عبد ما طمع
قال بشر بن الحرث: خرج فتى في طلب الرزق، فبينما هو يمشي
فأعيا،
فآوى إلى خراب يستريح فيه، فبينما هو يدير بصره إذ وقعت عيناه على أسطر
مكتوبة على حائط، فتأملها فإذا هي :
إني رأيتك قاعدا مستقبلي فعلمت أنك للهموم قرين
هون عليك وكن بربك واثقًا فأخو التوكل شأنه التهوين
طرح الأذى عن نفسه في رزقه لماتيقن أنه مضمون
قال: فرجع الفتى إلى بيته ولزم التوكل وقال: اللهم أدبنا أنت.
(1)
قال الجاحظ: إنما خالف الله تعالى بين طبائع الناس ليوفق بينهم في
مصالحهم، ولولا ذلك لاختاروا كلهم الملك والسياسة والتجارة والفلاحة وفي
ذلك بطلان المصالح، وذهاب المعايش، فكل صنف من الناس مزين لهم ما هم
فيه، فالحائك إذا رأى من صاحبه تقصيرًا أو خلفا قال : ويلك يا حجام والحجام
إذا رأى مثل ذلك من صاحبه قال: ويلك يا حائك، فجعل الله تعالى الاختلاف
سببا للائتلاف، فسبحانه من مدبر قادر حكيم ألا ترى إلى البدوي في بيت من
قطعة خيش معمد بعظام الجيف كلبه معه في بيته لباسه شملة من وبر
أو شعر،
ودواؤه بعر الإبل وطيبه القطران وبعر الظباء، وحلي زوجته الودع وثماره المقل
وصيده اليربوع وهو في مفازة (۳) لا يسمع فيها إلا صوت بومة، وعواء ذئب وهو
قانع بذلك مفتخر به.
وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه : يا بني إذا طلبت الغنى،
فاطلبه في القناعة فإنها مال لا ينفذ وإياك والطمع فإنه فقر حاضر، وعليك
باليأس، فإنك لم تيأس من شيء إلا أغناك الله عنه .
وأصاب داود الطائي فاقة كبيرة، فجاءه حماد بن أبي حنيفة رضي الله عنه
بأربعمائة درهم من تركة أبيه وقال : هي من مال رجل ما أقدم عليه أحد في زهده
وورعه وطيب كسبه فقال لو كنت أقبل من أحد شيئًا لقبلتها تعظيما للميت،
وإكراما للحي، ولكني أحب أن أعيش في عز القناعة.
وقال عيسى عليه الصلاة والسلام اتخذوا البيوت منازل والمساجد
مساكن، وكلوا من بقل البرية واشربوا من الماء القراح واخرجوا من الدنيا
بسلام.
وأنشد المبرد:
إن ضن زيد بما في بطن راحته فالأرض واسعة والرزق مبسوط (۳)
إن الذي قدر الأشيا بحكمته لم ينسني قاعدًا والرحل محطوط
قال عبد الواحد بن زيد ما أحسب أن شيئا من الأعمال يتقدم الصبر إلا
الرضا، ولا أعلم درجة أرفع من الرضا وهو رأس المحبة، قيل له : متى يكون
العبد راضيا عن ربه؟ قال : إذا سرته المصيبة كما تسرّه النعمة، وكان عبد الله بن
مرزوق من ندماء المهدي، فسكر يومًا ففاتته الصلاة جاءته جارية له بجمرة
فوضعتها على رجله فانتبه مذعورًا فقالت له : إذا لم تصبر على نار الدنيا، فكيف
تصبر على نار الآخرة فقام فصلى الصلوات وتصدق بما يملكه وذهب يبيع
البقل، فدخل عليه فضيل وابن عيينة، فإذا تحت رأسه لبنة وما تحت جنبه شيء،
فقالا له : إنه لم يدع أحد شيئًا إلا عوضه الله منه بديلا، فما عوضك عما تركت
له؟ قال: الرضا بما أنا فيه.

وقال الثوري : ما وضع أحد يده في قصعة غيره إلا ذل له، وقال الفضيل :
مَن رضي بما قسم الله له بارك الله له فيه وكان عيسى عليه الصلاة والسلام يقول :
الشمس في الشتاء جلالي ونور القمر ،سراجي، وبقل البرية فاكهتي، وشعر الغنم
لباسي، أبيت حيث يدركني الليل ليس لي ولد يموت ولا بيت يخرب، أنا الذي
كببت الدنيا على وجهها.

بیت مفرد
إن القناعة من يحلل بساحتها لم يلق في ظلها هما يُؤرقه (۱)
وقال عيسى عليه الصلاة والسلام انظروا إلى الطير تغدو وتروح ليس معها
أرزاقها لا تحرث ولا تحصد ،والله يرزقها، فإن زعمتم أنكم أكبر
بطونا من الطير فهذه الوحوش والبقر والحمر لا تحرث ولا تحصد والله
يرزقها .
،
https://youtube.com/@silvercheetah4388?si=MgGgalPzw-tR08Mo





0 التعليقات:

إرسال تعليق