الصفحة (10) : ۩ حكم محبة الله ثابت الأركان ۩ وصف الدنيا و غدرها و خيانتها وتفضيلها على الآخرة ۩ شأن الأرواح بعد فراقها أبداننا ( الحياة البرزخية)
۩ حكم محبة الله ثابت الأركان :
حكم المحبة ثابت الأركان * ما للصدود بفسخ ذاك يدان
حكم المحبة ثابت الأركان * ما للصدود بفسخ ذاك يدان
* شرح البيت :
- المحبة : المراد بالمحبة هنا محبة الله تعالى الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه، لأن موضوعات هذه القصيد، جالبة لمن تمسك بها محبة الله تعالى، وهذه هي المحبة الوحيدة التي تثبت أركانها لإجتماع جميع أوصاف المحبة و شروطها في المحبوب.
* ما للصدود : أي لا يقدر الصدود على فسخ ذلك الحكم.
۩ وصف الدنيا و غدرها و خيانتها وتفضيلها على الآخرة :
1- لا يلهينك منزل لعبت به * أيدي البلى مذ سالف الأزمان
2- فلقد ترحل عنه كل مسرة * و تبدلت بالهم و الأحزان
3- سجن يضيق بصاحب الإيمان * لكن جنة المأوى لذي الكفران
4- سكانها أهل الجهالة و البطالة * و السفاهة أنجس السكان
5- و ألذهم عيشا فأجهلهم بحق * الله ثم حقائق القرآن
6- عمرت بهم هذي الديار و أقفرت * منهم ربوع العلم و الإيمان
7- قد آثروا الدنيا و لذة عيشها * الفاني على الجنات و الرضوان
8- صحبو الأماني و أبتلوا بحظوظهم * و رضوا بكل مذلة و هوان
9- كدحا و كدا لا يفتر عنهم * ما فيه من غم و من أحزان
10- و الله لو شاهدت هاتيك الصدور * رأيتها كمراجل النيران
* شرح الأبيات :
- البيت 3 : يشير إلى ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) : << الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.>> رواه مسلم، كتاب الزهد.
- و المؤمن سجنه الدنيا لأمرين :
+ لما فيها من الأكدار و الهموم و المصائب.
+ أنه يرتقب دار أنعم و أطيب.
- البيت 4 : ذكر المؤلف ثلاثة أصناف لأهل الدنيا الذين آثروها على الآخرة :
+ أهل الجهالة الذين ليس عندهم علم.
+ أهل البطالة الذين ليس عندهم عمل.
+ أهل السفاهة الذين ليس عندهم حكمة.
- البيت 6 : << بهم >> : يعني سكان أهل الدنيا المؤثرون لها على الآخرة.
- أقفرت الدار : خلت من أهلها. و المقصود أن أهل الدنيا آثروها على الآخرة خلت منهم ربوع العلم و عمرت بهم ربوع الشهوات.
- البيت 9 : مقصود المؤلف في هذا البيت هو أن أهل الدنيا الذين آثروها على الأخرة تجدهم يتعبون في تحصيل دنياهم فيكدون و يكدحون، فتجدهم يبنون القصور الفارهة، و يلبسون أفخم الثياب، و يأكلون ألذ المآكل، ويجمعون من الأموال الكثيرة وهم يظنون أنهم بذلك تتم السعادة ولكن هذا ليس بصحيح فهم مع كدهم و كدحهم في هم وغم.
- البيت 10 : المرجل بالكسر : الإناء الذي يغلى فيه الماء.
* تكملة الأبيات :
1- و وقودها الشهوات و الحسرات و * الآلام لا تخبوا على الأزمان
2- أبدانهم أجداث هاتيك النفوس * اللاء قد قبرت مع الأبدان
3- أرواحهم في وحشة وجسومهم * في كدحها لا في رضا الرحمان
4- هربوا من الرق الذي خلقوا له * فبلوا برق النفس و الشيطان
5- لا ترضى ما أختاروه هم لنفوسهم * فقد إرتضوا بالذل و الحرمان
6- لو ساوت الدنيا جناح بعوضة * لم يسقي منها الرب ذا الكفران
7- لكنها و الله أحقر عنده * من ذا الجناح القاصر الطيران
8- و لقد تولت بعد عن أصحابها * فالسعد منها حل في الدبران
9- لا يرتجى منها الوفاء لصبها * أين الوفاء من غادر خوان
10- طبعت على كدر فكيف ينالها * صفوا أهذا قط في الإمكان ؟
11- يا عاشق الدنيا تأهب للذي * قد ناله العشاق كل زمان
12- أوما سمعت بلى رأيت مصارع * العشاق من شيب و من شبان
*شرح الأبيات :
- البيت 1 : أي أن المؤثرين الدنيا صدورهم تغلي كغلي الماء في القدر، و وقودها الشهوات المحرمة و الحسرات و الآلام، فلا تخمد هذه النار أبدا، فهم في عذاب مستمر.
- البيت 2 : الجدث : القبر، و المعنى أن أبدان مؤثري الدنيا هي قبور لأرواحهم الموحشة.
- البيت 4 : أي أنهم هربوا من الرق الذي خلقوا له الذي يضمن الحرية و هو عبادته وحده كما قال تعالى : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. [ سورة الذاريات الآية:56]. فابتلوا برق النفس و الشيطان فسعوا إلى تحصيل الشهوات و جمع الحطام الفاني.
- البيت 6 : قال الترمدي : حذثنا قتيبة حذثنا عبد الحميد بن سليمان عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله (ص) : << لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء.>> و في الباب عن أبي هريرة. قال أبو عيسى : هذا حذيث صحيح غريب من هذا الوجه، رواه الترمدي في سننه كتاب الزهد باب ما جاء في هوان الدنيا على الله عز و جل. و رواه إبن ماجة في سننه باب مثل الدنيا.
- البيت 8 : الدبران : كوكب أحمر منير يتلو الثريا و يسمى تابع النجم و تالي النجم، و بإستدباره الثريا سمي دبرانا، ونوره ثلاث ليال، و يقال ليلة، وكان العرب يبغضونه.
- البيت 9 : الصب : العاشق المشتاق. يعني أن الدنيا غادرة خائنة، فلا يرجى منها الوفاء لعاشقها.
۩ شأن الأرواح بعد فراقها أبداننا ( الحياة البرزخية) :
1- فالشأن للأرواح بعد فراقها * أبداننا و الله أعظم شان
2- إما عذاب أو نعيم دائم * قد نعمت بالروح و الريحان
3- و تصير طيرا سارحا مع شكلها * تجني الثمار بجنة الحيوان
4- وتظل واردة لأنهار بها * حتى تعود لذلك الجثمان
5- لكن أرواح الذي استشهدوا * في جوف طير أخضر ريان
6- فلهم بذاك مزية في عيشهم * و نعيمهم للروح و الأبدان
7- بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم * أجسام تلك الطير بالإحسان
8- و لها قناديل إليها تنتهي * مأوى لها كمساكن الإنسان
9- فالروح بعد الموت أكمل حالة * منها بهذي الدار في جثمان
10- وعذاب أشقاها أشد من الذي * قد عاينت أبصارنا بعيان
* شرح الأبيات :
- البيت 2 : يشير إلى قوله تعالى : << فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94).>> الواقعة.
- البيت 3 : يشير إلى ما رواه كعب بن مالك رضي الله عنه قال : قال (ص) : << إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يبعثه الله إلى جسده يوم يبعثه.>> رواه الإمام أحمد، و النسائي، و الترمذي وقال حذيث حسن صحيح، و الحذيث صححه الألباني كما في صحيح الجامع.
- البيت 5 : يشير إلى ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال في الشهداء : << أرواحهم في جوف طير أخضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل.>> الحذيث رواه مسلم، نووي، كتاب الأمارة - باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة.
- البيت 7 : قال إبن القيم رحمه الله لما ذكر ما اختص به الشهيد في الجنة من روحه تكون في جوف طير خضر : " ويدل على هذا أن الله سبحانه جعل أرواح الشهداء في أجواف طير خضر، فإنهم لما بذلوا أنفسهم لله حتى أتلفها أعداؤه فيه أعاضهم منها في البرزخ أبدانا خيرا منها تكون فيها إلى يوم القيامة و يكون نعيمها بواسطة تلك الأبدان أكمل من نعيم الأرواح المجردة عنها، ولهذا كانت نسمة المؤمن في صورة طير أو كطير، ونسمة الشهيد في جوف طير، و تأمل لفظ الحذيثين فإنه قال : << نسمة المؤمن طير.>> فهذا يعم الشهيد و غيره ثم خص الشهيد بأن قال : << هي في جوف طير.>> و معلوم أنها إذا كانت في جوف طير صدق عليها أنها طير. الروح
- البيت 8 : قناديل : جمع قنديل وهو السراج أو المصباح.
- البيت 10 : تنعم الروح أو تعذبها يوم القيامة أعظم منه في الدنيا، وذلك أن النعيم أو العذاب يقع في الدنيا على الجسد وفي البرزخ يقع على الروح أما في القيامة فيقع على الروح و البدن و هي أكمل الحالات أن يشترك الجسد مع الروح في النعيم أو العذاب. قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي - رحمه الله - عند كلامه على هذا البيت : << ذلك لأنه يكون الخبر عيانا و الغيب شهادة و المستور مكشوفا و المخبأ ظاهرا فليس الخبر كالمعاينة و لا علم اليقين كعين اليقين فالمصدق يرى و يجد مصداق ما جاء به النص كما علمه و تيقنه فيزداد بشرى و فرحا و سرورا، و المكذب يرى و يجد حور تكذيبه بذلك، و غب ما جناه على نفسه و يذوق وبال أمره .>> معارج القبول.
- البيت 5 : يشير إلى ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال في الشهداء : << أرواحهم في جوف طير أخضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل.>> الحذيث رواه مسلم، نووي، كتاب الأمارة - باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة.
- البيت 7 : قال إبن القيم رحمه الله لما ذكر ما اختص به الشهيد في الجنة من روحه تكون في جوف طير خضر : " ويدل على هذا أن الله سبحانه جعل أرواح الشهداء في أجواف طير خضر، فإنهم لما بذلوا أنفسهم لله حتى أتلفها أعداؤه فيه أعاضهم منها في البرزخ أبدانا خيرا منها تكون فيها إلى يوم القيامة و يكون نعيمها بواسطة تلك الأبدان أكمل من نعيم الأرواح المجردة عنها، ولهذا كانت نسمة المؤمن في صورة طير أو كطير، ونسمة الشهيد في جوف طير، و تأمل لفظ الحذيثين فإنه قال : << نسمة المؤمن طير.>> فهذا يعم الشهيد و غيره ثم خص الشهيد بأن قال : << هي في جوف طير.>> و معلوم أنها إذا كانت في جوف طير صدق عليها أنها طير. الروح
- البيت 8 : قناديل : جمع قنديل وهو السراج أو المصباح.
- البيت 10 : تنعم الروح أو تعذبها يوم القيامة أعظم منه في الدنيا، وذلك أن النعيم أو العذاب يقع في الدنيا على الجسد وفي البرزخ يقع على الروح أما في القيامة فيقع على الروح و البدن و هي أكمل الحالات أن يشترك الجسد مع الروح في النعيم أو العذاب. قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي - رحمه الله - عند كلامه على هذا البيت : << ذلك لأنه يكون الخبر عيانا و الغيب شهادة و المستور مكشوفا و المخبأ ظاهرا فليس الخبر كالمعاينة و لا علم اليقين كعين اليقين فالمصدق يرى و يجد مصداق ما جاء به النص كما علمه و تيقنه فيزداد بشرى و فرحا و سرورا، و المكذب يرى و يجد حور تكذيبه بذلك، و غب ما جناه على نفسه و يذوق وبال أمره .>> معارج القبول.
0 التعليقات:
إرسال تعليق