الصفحة (39) ۩ معنى قوله (ص) "أحب إليه" ۩ مبايعة الصحابة لرسول الله ۩ الحياء مركب من جبن و عفة ۩ السنة قد تخفى على بعض أكابر الصحابة۩ الإسلام معلوم بحكم الظاهر ۩ المسلم و المؤمن و الإسلام الشرعي الكامل ۩ الإسلام دين يسر و الحنيفية السمحة ۩ المنافق و أنواع النفاق ۩ الإسلام دين يسر و الحنيفية السمحة
۩ معنى قوله (ص) "أحب إليه" :
- قوله "أحب إليه "، قال البيضاوي : المراد بالحب هنا الحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل السليم رجحانه و إن كان على خلاف هوى النفس، كالمريض يعاف الدواء بطبعه فينفر منه، و يميل إليه بمقتضى عقله فيهوى تناوله، فإذا تأمل المرء أن الشارع لا يأمر و لا ينهى إلا بما فيه صلاح عاجل أو خلاص آجل، و العقل يقتضي رجحان جانب ذلك، تمرن على الإئتمار بأمره بحيث يصير هواه تبعا له، و يلتذ بذلك إلتذاذا عقليا، إذ الإلتذاذ العقلي إذراك ما هو كمال و خير من حيث هو كذلك؟
۩ مبايعة الصحابة لرسول الله :
- أن رسول الله قال و حوله عصابة من أصحابه : << بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، و لا تسرفوا، و لا تزنوا، و لا تقتلوا أولادكم، و لا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم و أرجلكم، و لا تعصوا في معروف. فمن و فى منكم فأجره على الله، و من أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، و من أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، و إن شاء عاقبه >>. فبايعناه على ذلك>>. صحيح البخاري.
- و من حديث عبادة أيضا قال : بايعنا رسول الله (ص) على السمع و الطاعة في العسر و اليسر و المنشط و المكره... الحديث.
۩ الحياء مركب من جبن و عفة :
- قال الراغب : الحياء إنقباض النفس عن القبيح، و هو من خصائص الإنسان ليرتدع عن إرتكاب كل ما يشتهي فلا يكون كالبهيمة. و هو مركب من جبن وعفة فلذلك لا يكون المستحي فاسقا، و قلما يكون الشجاع مستحيا، و قد يكون لمطلق الإنقباض كما في بعض الصبيان.
- و حكي عن بعض السلف : رأيت المعاصي مذلة، فتركتها مروءة، فصارت ديانة.
- و قد يتولد الحياء من الله تعالى من التقلب في نعمه فيستحي العاقل أن يستعين بها على معصيته.
- و قد قال بعض السلف : خف الله على قدر قدرته عليك، و أستحي منه على قدر قربه منك. و الله أعلم.
۩ السنة قد تخفى على بعض أكابر الصحابة :
- يمكن للسنة أن تخفى على بعض أكابر الصحابة و يطلع عليها آحادهم، و لهذا لا يلتفت إلى الآراء و لو قويت مع وجود سنة تخالفها، و لا يقال كيف خفي ذا على فلان؟ و الله الموفق.
۩ الإسلام معلوم بحكم الظاهر :
- رواية إن الأعرابي في معجمه فقال : << لا تقل مؤمن بل مسلم >>. و ليس معناه الإنكار بل المعنى أن إطلاق المسلم على من لا يختبر حالة الخبرة الباطنة أولى من إطلاق المؤمن، لأن الإسلام معلوم بحكم الظاهر، قاله الشيخ محي الدين ملخصا.
- و محصل القصة أن النبي (ص) كان يوسع العطاء لمن أظهر الإسلام تألفا، فلما أعطى الرهط و هم من المؤلفة و ترك جعيلا و هو من المهاجرين مع أن الجميع سألوه خاطبه سعد في أمره لأنه كان يرى جعيلا أحق منهم لما إختبره منه دونهم، و لهذا راجع فيه أكثر من مرة، فأرشده النبي (ص) إلى أمرين : أحدهما إعلامه بالحكمة في إعطاء اولئك و حرمان جعيل مع كونه أحب إليه مما أعطى، لأنه لو ترك إعطاء المؤلف لم يؤمن إرتداده فيكون من أهل النار، ثانيها إرشاده إلى التوقف عن الثناء بالأمر الباطن دون الثناء بالأمر الظاهر.
۩ المسلم و المؤمن و الإسلام الشرعي الكامل :
- يمكن أن يكون مراد الزهري أن المرأ يحكم بإسلامه و يسمى مسلما إذا تلفظ بالكلمة-أي كلمة الشهادة، و أنه لا يسمى مؤمنا إلا بالعمل، و العمل يشمل عمل القلب و الجوارح، و عمل الجوارح يدل على صدقه. و أما الإسلام المذكور في حديث جبريل فهو الشرعي الكامل المراد بقوله : <<وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ >>.
۩ المنافق و أنواع النفاق :
- باب علامة النفاق : و قال الكراماني : مناسبة هذا الباب لكتاب الإيمان أن النفاق علامة عدم الإيمان، أو ليعلم منه بعض النفاق كفر دون بعض، و النفاق لغة مخالفة الباطن للظاهر، فإن كان في إعتقاد الإيمان فهو نفاق كفر، و إلا فهو نفاق العمل، و يدخل فيه الفعل و الترك و تتفاوت مراتبه.
۩ الإسلام دين يسر و الحنيفية السمحة :
- قوله : << باب الدين يسر >>. أي دين الإسلام ذو يسر، أو سمي الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله، لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم. و من أوضح الأمثلة له توبتهم كانت بقتل أنفسهم، و توبة هذه الأمة كانت بلإقلاع و العزم و النذم.
- قوله : << أحب الدين >>. أي خصال الدين، لأن خصال الدين كلها محبوبة، لكن ما كان منها سمحا أي سهلا. فهو أحب. و يدل عليه ما أخرجه أحمد بسند صحيح من حديث أعرابي لم يسمه أنه سمع رسول الله (ص) يقول : << خير دينكم أيسره >>. أي أحب الأديان إلى الله الحنيفية. و المراد بالأديان الشرائع الماضية قبل أن تبدل و تنسخ.
- و الحنيفية ملة إبراهيم، و الحنيف في اللغة من كان على ملة إبراهيم، و سمي إبراهيم حنيفا لميله عن الباطل إلى الحق لأن أصل الحنف الميل، و السمحة السهلة، أي أنها مبنية على السهولة، لقوله تعالى : << وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ >>.
- لفظ حديث بريدة عن أحمد : << إنه من شاد هذا الدين يغلبه >>. و المشادة بالتشديد المغالبة، يقال شاده يشاده مشادة إذا قاواه، و المعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية و يترك الرفق إلا عجز و إنقطع فيغلب. قال إبن المنير : في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فلقد رأينا و رأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع، و ليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة، بل منع الإفراد المؤدي إلى الملال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله و يغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح في الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن طلعت الشمس فخرج و قت الفريضة، و في حديث محجن بن الأدرع عن أحمد : << إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمبالغة، و خير دينكم اليسر>>. و قد يستفاد من هذا بالأخد بالرخصة الشرعية، فإن الأخد بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع، كمن يترك التيمم عند العجز عن إستعمال الماء فيفضي به إستعماله إلى حصول الضرر.
- قال (ص) : << إن الدين يسر، و لن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، و قاربوا، و أبشروا، و أستعينوا بالغدوة و الروحة و شيء من الدلجة >>.
+ قوله : << فسددوا >> : أي إلزموا السداد و هو الصواب غير إفراد و لا تفريط، عن أهل اللغة : السداد التوسط في العمل.
+ قوله : << و قاربوا >> : أي إن لم تستطيعوا الأخد بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه.
+ قوله : << و أبشروا >> : أي بالثواب على العمل الدائم و إن قل، و أبهم المبشر به تعظيما له و تفخيما.
+ و قوله : << و أستعينوا بالغدوة >>: أي إستعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات النشطة، و الغدوة بالفتح سير أول النهار، و الروحة بالفتح السير بعد الزوال، و شيء من الدلجة السير آخر الليل و قيل الليل كله لأن عمل الليل أشق من عمل النهار.
0 التعليقات:
إرسال تعليق