الخميس، 25 أكتوبر 2018

الصفحة (40) : ۩ مدارس التفسير في عهد الصحابة ۩ التفسير و الإسرائيليات و حفظ الله لدينه

الصفحة (40) : ۩ مدارس التفسير في عهد الصحابة  ۩ التفسير و الإسرائيليات و حفظ الله لدينه
 
الصفحة (40) : ۩ مدارس التفسير في عهد الصحابة  ۩ التفسير و الإسرائيليات و حفظ الله لدينه
 

۩ مدارس التفسير في عهد الصحابة :

- فتح الله على المسلمين كثيرا من بلاد العالم، و توزع الصحابة في البلاد المفتوحة، و حملوا معهم علومهم و جلس إليهم كثير من التابعين يتتلمدون عليهم، فقامت في هذه البلاد مدارس علمية أساتذتها الصحابة، و تلاميدها التابعون، و أشتهرت من بين هذه المدارس ثلاث هي :

+ مدرسة مكة المكرمة : أستاذها الصحابي الجليل إبن عباس، و تلاميدها : سعيد بن جبير، و مجاهد، و عكرمة، و طاوس، و عطاء...
+ مدرسة المدينة المنورة : أستادها الصحابي أبي بن كعب، و تلاميذها : زيد بن مسلم، و أبو العالية، و محمد بن كعب القرطي...
+ مدرسة العراق : أستادها الصحابي عبد الله بن مسعود، و تلاميدها : علقمة، و مسروق، و الأسود، و مرة، و عامر، و الحسن، و قتادة...
 
۩ التفسير و الإسرائيليات و حفظ الله لدينه :

- و قد أضيف للتفسير في هذا العهد أقوال التابعين، و بدأ الخلاف يظهر فيه، كما بدأ يتسرب إليه الروايات الإسرائيلية بسبب رجوع بعض المفسرين لأهل الكتابين من اليهود و النصارى.

- و أما الإسرائيليات فيمكن تعريفها بأنها الروايات المأخودة عن اليهود و النصارى في أخبار أممهم السابقة و قصص أنبيائهم، و إن كان الجانب اليهودي هو الذي إشتهر أمره، و غلب على الجانب النصراني بسبب أغلبية اليهود في ذلك الوقت و إختلاطهم مع المسلمين في بلادهم، و لقد نزل القرآن بموضوعات و ردت في التورات و الإنجيل، كقصة آدم عليه السلام و نزوله إلى الأرض، و قصة موسى مع قومه اليهود، و قصة عيسى عليه السلام و أمه مريم، كل ذلك ورد في القرآن الكريم موجز يقتصر على ذكر العضة و العبرة من قصصهم دون التعرض لتفاصيل قصصهم، و قد و جد المسلمون تفصيل هذا الإيجاز عند أهل الديانات السابقة بما لا يتعارض مع شريعتهم، فلجؤا إليه و أقتبسوا منهم، دون تحلر منهم لصحة هذه الأخبار.

- أما الوضع فقد كان مصدره أهل البدع و الأهواء و الفرق و الأقوام الذين دخلوا في الإسلام ظاهرا و هم يبطنون الكفر بقصد الكيد له و تظليل أهله، فوضعوا الروايات الباطلة في تفسير القرآن ليصلوا إلى أغراضهم، فكثرت الروايات، و ضمن مؤلفوا التفاسير هذه الروايات في كتبهم دون تحر منهم لصحة أسانيدها، لأن منهجهم في التأليف كان إيراد كل ما ورد من الروايات في الآية الواحدة تاركين أمر تمحيصها لثقافة القارىء. و لقد بذل المحدثون في هذه الفترة جهودا جبارة في مقاومة الوضع و تمييز الصحيح من الروايات عن غيره، و وضعوا في ذلك التصانيف، و أنشؤا علم مصطلح الحديث، و وضعوا قواعد دقيقة جدا لمعرفة الصحيح من غيره، حتى ميزوا الصحيح من الموضوع فحفظ الله به دينه <<وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) >>.

- فإن قال قائل : فما أحسن طرق التفسير؟ (فالجواب) إن أصح الطريق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن و موضحة له، بل قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى : << كل ما حكم به رسول الله (ص) فهو مما فهمه من القرآن. قال الله تعالى : << إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) >> و قال تعالى : << وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64) >>. و قال تعالى : <<  وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) >>. و لهذا قال رسول الله (ص) : << ألا إني أوتيت القرآن و مثله معه >>. يعني السنة، و السنة أيضا تنزل عليهم بالوحي كما ينزل القرآن إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن.

- و الغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول الله (ص) لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن فبم تحكم؟ قال : بكتاب الله. قال : فإن لم تجد؟ قال بسنة رسول الله، قال : فإن لم تجد؟ قال : أجتهد رأييي فضرب رسول الله (ص) في صدره و قال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله. و حينئد إذا لم نجد التفسير في القرآن و لا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن و الأحوال التي إختصوا بها، و لما لهم من الفهم التام و العلم الصحيح و العمل الصالح و لا سيما علماؤهم و كبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، و الأئمة المهتدين المهديين، و عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم.

- و لهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمان السدي الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين، إبن مسعود و إبن عباس، و لكن في بعض الأحيان ينقل عنه ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب التي أباحها رسول الله (ص) حيث قال : << بلغوا عني و لو آية و حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج، و من كذب علي متعمدا فليتبؤأ مقعده من النار >>. رواه البخاري عن عبد الله بن عمر، و لهذا كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منها بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك.

- و لكن هذه الأحاذيث الإسرائيلية تذكر للإستشهاد لا للإعتضاد فإنها ثلاثة أقسام.

+ أحدهما : ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح.
+ و الثاني : ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
+ و الثالث : ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل و لا من هذا القبيل فلا نؤمن به و لا نكذبه و يجوز حكايته.

- و غالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني و لهذا يختلف علماء أهل الكتاب في هذا كثيرا، و يأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، و لون كلبهم، و عددهم، و عصا موسى من أي الشجر كانت، و أسماء الطيور التي أحياها الله إلى إبراهيم و تعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، و نوع الشجرة التي كلم الله منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دينهم و لا في دنياهم.

- قال رسول الله (ص) : << من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ >>. و قد روى هذا الحديث أبو داود و الترمذي و قال الترمذي : غريب.

- فهذه الآثار الصحيحة و ما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم فيه. فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة و شرعا فلا حرج عليه، و لهذا روي عن هؤلاء و غيرهم أقوال في التفسير و لا منافاة لأنهم تكلموا فيما علموه و سكتوا عما جهلوه، و هذا هو الواجب على كل واحد، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى : <<  لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ >>. و لما جاء في الحديث الذي روي من طرف من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار.

0 التعليقات:

إرسال تعليق